;كتب أسامة داود
"التهكم" أخطر تهمة يواجهها رئيس النصر للتعدين
"ملف يضم80 ورقة".. أسانيد محاكمة شريف سوسة وعزله
أهمها: صرف مكافآت للعمال المتميزين تتراوح ما بين 150 و700 جنيه!!
أخطرها: التلميح والتصريح والتهكم!
وآخر الاتهامات.. تخصيص 100 مليون جنيه وأرض لإنشاءمصنع
للدولة بدلا من شريف الجبلى!!
لن أتطرق إلى مخالفة القانون واللائحة فى بديهيات العمل الإدارى وهى أن الدعوة لجمعية عمومية غير عادية يستلزم لها ثلاثة أسابيع.. ولن أتطرق إلى حالة الخسارة التى تمر بها الشركات التابعة للشركة القابضة للصناعات المعدنية، ولن أخوض فى غمار تفاصيل قد تبدد وقتى رغم محدودية مسئولياتى المتواضعة، بجانب مسئوليات رئيس شركة قابضة ليس من المستبعد أن يصبح وزيرًا أو رئيسًا للوزراء لنعرف كم ثمن الوقت عنده.
ولكننى أتحدث عن الرابع من أبريل 2019 وفيه أصدر الدكتور مدحت نافع رئيس الشركة القابضة للصناعات المعدنية، دعوته لعقد جمعية عمومية غير عادية لشركة النصر للتعدين.
وحدد الرجل بالمخالفة للقانون واللائحة يوم الأربعاء الموافق 17 أبريل لانعقادها، وعلى أن تكون فى الثانية عشرة ظهرًا.
والسبب لدعوة انعقاد الجمعية غير العادية.. عزل الدكتور شريف سوسة رئيس شركة النصر للتعدين.
ويأتى القرار على خلفية رفض الدكتور سوسة الاستقالة بناء على طلب رئيس القابضة فى اجتماع قبل 3 أيام من الدعوة.
ومن خلال ملف التُّهَم ..ساعات طويلة من وقتى حتى أتفحص أوراقه والتى يبلغ عددها 80 ورقة فلوسكاب تبدأ بخطاب يتضمن دعوته للجمعية ويحمل رقم 535 صدر بتاريخ 4 أبريل 2019 من الشركة القابضة ليُرسَل إلى كل أعضاء مجلس إدارة الشركة، فى التو واللحظة، وعلى طريقة التعامل مع الأحداث الخطيرة وقت الحروب.
ثم مذكرة شارحة تضم عدد 8 ورقات تحتوى كل منها على 27 سطرًا ببنط 11 وبكل سطر 14 كلمة أى حوالى 400 كلمة وبالتالى تحتوى المذكرة على 3000 كلمة أى ما يوازى حملة صحفية من العيار الثقيل.. وبالتأكيد استلزم إعدادها فريق عمل من قيادات الشركة القابضة بكل قطاعاتها.. وربما بفريق مساعد من جانب السيد رجل الأعمال شريف الجبلى الذى اتضح وجوده الطاغى فى ملف اتهام شريف سوسة!. وعلى طريقة الشنكل فى فيلم أرض النفاق!!.
بالتأكيد كل تلك المذكرة هى تلخيص لأوراق اتهام لعدد 71 ورقة أو مستندًا سوف نشرح ما جاء بها تفصيليًا.
متضمنه حسبما جاء فى الدعوة أسباب عزل رئيس النصر للتعدين.
النعرات القبلية.. والسفه!
وهنا أتوقف لأنقل من تلك الوقائع عينات لنبحث معًا فيها عن سبب إدانة يجعلنا نقر بأن عزل شريف سوسة ليس هو الحل الأنسب ولكن ربما يستحق الصلب والرجم والذبح والتمثيل بجثمانه على أفعال أوحت لنا بها الدعوة للجمعية غير العادية.
أهم البنود هى إشاعة الفرقة والتمييز وإثارة النعرات القبلية بين أهالى السباعية ــ إحدى قرى مركز إدفو بأسوان- وكأن رئيس شركة النصر قد تفرغ لبث المشاحنات بين أفراد الشركة وبعضهم البعض.
الغريب أن من بين الأوراق التى يرى رئيس القابضة أنها خطيرة وتستحق المساءلة اعتماد شريف سوسة لمكافآت لعدد من العاملين ما بين 100 و150 جنيهًا، ومكافأة أخرى لبعض العناصر من السائقين والعاملين بناء على طلبات تقدم بها بعض رؤساء القطاعات بالشركة منها مطالبة رئيس قطاع مناجم البحر الأحمر، بصرف مبلغ 450 جنيهًا لاثنين من السائقين وذلك نظير جهود غير عادية!.
طلب آخر من رئيس قطاع المصانع يطلب فيه مكافأة 500 جنيه لاثنين من السائقين مكافأة لقيامهما بجهود غير عادية بتحميل عدد 2 مركب بخام الفوسفات!.
نموذج ثالث من سفه شريف سوسة فى تبديد الاموال العامة.. منها الموافقة على صرف مبالغ مالية بناء على توصية من رئيس نقابة العاملين بالشركة جابر حسانين يطلب فيها مكافأة لم يحددها الرجل، ولكنه أوصى بان تكون مناسبة وبالطبع ليست له.. ولكنها لعدد من العاملين بإدارة التصدير والمبيعات كانوا قد نجحوا فى تحقيق مبيعات بمئات الملايين من الجنيهات وعددهم 7 عناصر. وأصبحت موافقة شريف سوسة على المكافأة وهى مبلغ 700 جنيه لكل فرد جريمة تستحق العقاب!.
نموذج ثالث من المخالفات التى يكتظ بها ملف محاكمة شريف سوسة وهى طلب مدير إدارة الاستحقاقات بالشركة صرف مكافاة لعدد 4 من الموظفين بالإدارة نظير جهود غير عادية عن عملهم فى تسوية الأرباح السنوية والجرد وقرر سوسة صرف 500 جنيه لعدد 3 منهم وقام بشطب الرابع باعتباره حصل على مكافأة عن أداء عمل آخر.
إنها نماذج المخالفات التى يرى رئيس القابضة أنها تستلزم عزل رئيس شركة النصر للتعدين، وبالتالى يصبح شريف سوسة فى نظر قانون "الشنكل"، قد ارتكب جرائم شنعاء أبرزها صرف مكافآت تجاوزت بضع مئات من الجنيهات نظير أعمال أثمرت صافى أرباح تقترب من نصف المليار جنيه!!.
من بين قائمة الاتهامات التى يتضمنها الملف الذى أعده السيد رئيس القابضة - والتى تنتظر دكتور شريف سوسة- أوراق تمثل مكاتبات داخلية كان "سوسة" قد وجهها له، وهى أمور حسب علمى تكون داخلية لها حرمة ولا يجب أن يتم إطلاع أحد عليها، خاصة أنها فى إطار توضيح بعض أمور تخص العمل أمام رئيس القابضة كرئيس مباشر له، ومنها إفصاح الرجل عن تأخير صدور موافقة هيئة الثروة المعدنية فى ظل قياداتها السابقة على أحد التراخيص الخاصة بشركة النصر، وكلها حوارات ومكاتبات طبيعية وعادية جدًا تتداول داخل دواليب العمل، وليس من الطبيعى أن تُستخدم كتبرير لعزل رئيس شركة.. ولو كان الأمر كذلك لأشعلت المكاتبات التى تتداول على مدار الساعة بين الوزارات والقطاعات بالدولة صراعًا طبقيًا، قبليًا، عائليًا، وظيفيًا، بيزنطيًا لا نهاية له!.
من هذه الاتهامات على سبيل المثال لا الحصر، ما يتم تصنيفه على أنه أمر خطير وهو أن السيد أبوالمجد مفتاح- وهو عضو مجلس إدارة شركة النصر للتعدين- يقول بأن الدكتور شريف سوسة قد اعتاد التلميح والتصريح فى اجتماعات مجلس الإدارة بأن الشركة القابضة تعوق عمله.. وأنه -يقصد سوسة- قد تهكم على مطالب لجنة الاستثمار المركزية خلال الاجتماع،- (وهى لجنة تم تشكيلها داخل الشركة القابضة بناء على قرار لوزير قطاع الأعمال العام لمناقشة المشروعات الجديدة)- ولم ينفذ ما ورد من إجراءات بشأن المشروعات.
رئيس القابضة للصناعات المعدنية قد وجد من الوقت للفحص والتمحيص وجمع كلمات من هنا وهناك حتى بلغ الأمر أن يتم توصيف ابتسامات وإيماءات شريف سوسة على أنها تهكم، وتكشيرته أو شعوره ربما بألم فى معدته بأنه اعتراض على سيادته.
مذكرة السيد رئيس القابضة أيضًا تبنى اتهامًا إن صح فأرى أنه يجب أن يكون بلاغًا للسيد النائب العام لأنه يكشف عن رغبة السيد رئيس القابضة فى أن يُسند مشروع حمض الفوسفوريك إلى رجل الأعمال شريف الجبلى، وإن كنت أشرت إليه فى مقالى السابق وفقًا لما جاء فى مذكرة اللجنة النقابية لشركة النصر التى أٌرسلت للسيد رئيس الجمهورية.. إلا أن ما جاء فى مذكرة رئيس القابضة هو اعتراف منه بهذا الأمر، ويتضمن الآتى نصًا كما جاء دون اجتهاد أو تدخل من جانبى.. فتقول مذكرة الدكتور مدحت نافع فى الصفحة السادسة منها: أثناء قيام الدكتور شريف الجبلى رئيس شركة "بولى سيرف" بعرض مشروعه المقترح على لجنة الاستثمار المركزية بدعوة من الشركة القابضة، أفاد بأن شركة النصر للتعدين قد أخبرته بأنها حصلت على قطعة أرض بمنطقة السباعية من محافظة أسوان لإنشاء المشروع عليها، دون علم الشركة القابضة. ويكمل رئيس القابضة فى سرده ضمن قائمة الاتهامات التى حاكها ضد شريف سوسة ومنها -حسب ما وصل إليه - أن شركة النصر قد رصدت 100 مليون جنيه فى الموازنة الاستثمارية للعام المالى 2019/2020 للمشروعات التى سبق للجنة الاستثمار المركزية إرجاؤها.
لم يكتف بذلك السيد رئيس القابضة بل أكمل ما جاءه على لسان شريف الجبلى مستشهدًا به لينطبق عليه الحكمة القائلة وشهد شاهد من أهلها- ليضيف تهمة جديدة قد استنبطها وهى- أنه (أى شريف سوسة) قد تعمد إشاعة جو من الريبة بين العاملين ليوصل إليهم أن الشركة القابضة تتعمد تعطيل الاستثمارات الخاصة بشركة النصر وأن ذلك يُعد تمهيدًا لنقلها إلى وزارة البترول.. ويستند رئيس القابضة على أن هذا الكلام هو اتهامات خطيرة وهى (كما درج على الادعاء بشهادة كثير من العاملين)!
الغياب دون إذن!
أيضًا من الاتهامات التى يستند عليها رئيس القابضة ضد رئيس شركة النصر للتعدين أن شريف سوسة يتغيب عن مكتبة ويتعذر الوصول إليه.
بالطبع متناسيًا أن شريف سوسة يقود شركة لها مواقع متعددة داخل الجبال فى البحر الأحمر وأسوان وغيرها، وأن نجاح الشركة فى تحقيق أرباح لا يمكن أن يتأتى بجلوسه داخل مكتب مكيف الهواء فى انتظار التعليمات.. أو ربما يرى فى شريف سوسة رئيس مجلس الإدارة ما هو إلا من صغار الموظفين الذى وجب عليه الالتزام بالتوقيع فى كشف حضور وانصراف وأن يكون الاستئذان فى دخول الحمام من النوافل!.
لم يتطرق السيد رئيس القابضة إلى أن شركة النصر قد انتقلت من الخسارة أو بالكاد تغطية نفقاتها إلى تحقيق أرباح كان بدايتها الربع الأخير من عام 2017/2018 وبعد تولى سوسة إدارتها والذى كان فى الأول من أبريل 2018 لتصل الأرباح إلى 150 مليونًا ثم تصل فى الأشهر التسعة الأولى من السنة المالية الحالية إلى 450 مليونًا بعد الضرائب.. كما أنه متوقع أن تصل إلى 800 مليون فى نهاية العام المالى الحالى الذى ينتهى فى 30 يونيه المقبل.
ومن جانبى أضم صوتى كمواطن مصرى، إلى صوت رئيس القابضة وأطالب بعزل شريف سوسة لأنه يستحق الإقالة والعزل معًا وربما السجن أيضًا، لأنه نجح بالخروج بالشركة من شرنقة العمل داخل أنفاق الخسارة والانطلاق بها إلى عالم فسيح من أرباح تجاوزت كل ما حققته الشركة القابضة من شركاتها التابعة الأخرى.
لم تكتف مذكرة رئيس القابضة المدعومة بعشرات من المخاطبات واعتماد طلبات المكافآت المالية المحدودة جدًا - ليس لرئيس الشركة بالطبع- ولكن للعاملين.. وغيرها بما يُعد من فسافس الأمور.. والتى يجب على الحكومة أن تسأل السيد رئيس القابضة والتى يتبعها حوالى 15 شركة ونتمنى أن يخبرنا سيادته، كم من تلك الشركات الـ15 قد حقق أرباحًا، بخلاف شركة النصر للتعدين؟
هذه الوقائع من داخل ملف أردت أن أصفه تفصيليًا وليس رفاهية منى فى الاسترسال والإسهاب، ولكن ليرى الرأى العام فى مصر كيف تدار الشركات القابضة وكيف تصل العبقرية الإدارية التى تدير منظومة عمل يستهدف منها الخروج من عنق الزجاجة.. ورؤيتى المتواضعة أن تلك الوقائع يجب بالفعل أن تخضع للجنة تحقيق على أعلى مستوى لتُحدد القدرات القيادية التى تدير الشركات القابضة فى مصر، وقبل أن تتحول تلك الكيانات إلى السفينة "تيتانيك"
وهنا السؤال الأهم: كيف توفر من الوقت للسيد رئيس القابضة ما جعله يستطيع به لملمة ما تم تصنيفه على أنه مخالفات واتهامات جعل منها قذائف صلبة صلدة تستوجب عزل رئيس شركة النصر؟، وهى بضعة جنيهات لسائق أو لعامل مكافأة لإنجاز عمل فوق العادة؟!
تساؤلات أخرى، أرى من حقى كمواطن ومن واجبى كصحفى أن أسأل فيها السيد وزير قطاع الأعمال العام.. وهى: هل اطلع سيادته على مضمون ملف الاتهامات التى تحتوى على 80 ورقة بها ما يراه السيد رئيس القابضة بأنها اتهامات لرئيس شركة تابعة؟.
وإن كان لم يرها فهل من سلطة رئيس القابضة أن يدعو لجمعية عمومية غير عادية لعزل قيادة فى حجم شريف سوسة.. دون علم وزير قطاع الأعمال العام؟.
وأقول حجم شريف سوسة لأننى أعرفه وقد سبق أن قاد ثلاث هيئات كبرى فى قطاع البترول، وهى هيئة الثروة المعدنية وكان أصغر رئيس هيئة فى عمر الـ45 عامًا، والقابضة للغازات الطبيعية إيجاس، والقابضة لجنوب الوادى للبترول.
وكيف يريد رئيس القابضة للصناعات المعدنية من شريف سوسة أن يستأذنه إذا ما قرر التأخر عن مواعيد العمل أو إذا أراد أن يتفقد مواقع العمل ما بين البحر الأحمر وأسوان وغيرها؟ بينما لا يرى أهمية فى إبلاغ وزير قطاع الأعمال بأمر عزل رئيس إحدى الشركات؟
أرى أن السؤال الأهم يكون للسيد رئيس الوزراء.. ولكنى أدخره للحلقة القادمة من المقال.
المقال القادم نكشف قصة الشركة الصينية؟ ووقائع أخرى ربما تجعل إعدام شريف سوسة منطقيًا!!.
تعليقات: 0
إرسال تعليق