إمبراطوريات القطاع الخاصة فوق جثامين قطاع الأعمال العام
قبل ساعات من اجتماع عزل رئيس شركة النصر للتعدين
بالمستندات.. مشروعات النصر "قربان" لــ" القطاع الخاص"
قبل ساعات من انعقاد جمعية عمومية غير عادية وبهدف عزل رئيس شركة النصر للتعدين لاتهامات هلامية تستوجب الشكر لا الإدانة، يطفو على سطح الأحداث جريمة انتزاع عرض مميز بإنشاء مصنع بتمويل ميسر، وفائدة محدودة، وفترة سماح، وحزمة مزايا أخرى من قبضة شركة النصر للتعدين لمصلحة شركة قطاع خاص مملوكة لرجل الأعمال شريف الجبلى تكشف عن الوجه الحقيقى لضرب القطاع العام.
المصنع الصينى الذى يمثل إحدى ثمار زيارات ولقاءات للرئيس عبدالفتاح السيسى ونظيره الصينى فى عامى 2015 و2018 وانتهت بتوقيع اتفاقيات لزيادة حجم التعاون الصناعى والاقتصادى بين مصر والصين.. وعلى ضوء ذلك جاءت عدة عروض لدعم القطاع العام المصرى وإعادة تأهيل العديد من شركاته بمشروعات جديدة وباستخدام أفضل تكنولوجيا تحقق أعلى إنتاجية، وبأفضل مستوى جودة، وأقل استهلاك للطاقة، وبتمويل يسدد بعد فترة سماح تجعل السداد من الأرباح، هكذا تقول الأوراق التى بين أيدينا.
كانت شركة النصر سوف تحصل على تمويل لإنشاء مصنع حمض الفوسفوريك بأسوان واستطاعت الاتفاق مع المحافظة لتخصيص الأرض اللازمة للمشروع.
المفاجأة أن الرد الذى جاء من جانب رئيس الشركة القابضة للصناعات المعدنية، المحاسب مدحت نافع تضمن وحسب ما وصل إلينا من مستندات أن الاجتماع بالشركة الصينية لن يكون إلا مع آل الجبلى (شريف الجبلى) رئيس مجلس إدارة شركة أبوزعبل للأسمدة الفوسفاتية وأيضًا رئيس شركة "بولى سيرف".
قرار رئيس القابضة هنا يتحول إلى لغز يضاف إلى ألغاز الشركة القابضة للصناعات المعدنية، والتى إن صح التشبيه يجب إعادة تسميتها بالشركة القابضة لدعم القطاع الخاص على جثمان القطاع العام.
هناك تساؤلات نجيب عنها.. وهى: ما حقيقة ذلك العرض وتفاصيله؟ وما هى الشركة المقدمة له؟ وهل تقبل الشركة صاحبة العرض، نقل عرضها المغرى من إحدى شركات قطاع الأعمال العام إلى القطاع الخاص؟.
وعلى الجانب الآخر أيضًا ما هو الهدف من تقليم أظافر شركة النصر وفى نفس الوقت تقوية مخالب وأنياب القطاع الخاص؟
وهل تصبح النصر للتعدين رأس الذئب الطائر الذى يتحول إلى عبرة لمن يريد الدفاع عن شركات قطاع الأعمال العام والتى ربما يراد لها أن تتساقط بين أنياب حيتان القطاع الخاص كالثمار الناضجة؟!.
لنبدأ القصة من البداية. حيث تلقت شركة النصر للتعدين بتاريخ 29 مارس 2019 عرضا من شركة "AVIC" الصينية لإنشاء مصنع حمض الفوسفوريك النقى ــ المادة الخام لصناعة الأسمدة الفوسفاتية ــ وباستخدام تكنولوجيا المعالجة الصلبة المحسنة بطاقة إنتاجية قدرها 500 ألف طن مترى سنويًا.
وقالت الشركة فى العرض الذى أرسلته إلى شركة النصر للتعدين إن ميزانية تمويل المشروع مفتوحة وتحت نظام تسليم مفتاح (Turnkey Project)، وبنظام المشاركة فى تنفيذ المشروع ونظام التمويل الذاتى.
وبأسعار منافسة للسوق العالمى وشروط تمويل ميسرة وفوائد مخفضة وبأحد التكنولوجيات العالمية والموفرة فى استهلاك الطاقة.
عرض شركة "AVIC" الصينية تضمن أيضًا عدة مقترحات أهمها التزام الشركة الصينية بتقديم خطاب ضمان بنكى لمصلحة شركة النصر للتعدين من البنك الذى تختاره النصر لضمان تنفيذ المشروع فى المواعيد المحددة وطبقًا للشروط الفنية والمالية والقانونية التى يتم الاتفاق عليها ويتضمنها العقد النهائى المزمع توقيعه بين شركة النصر للتعدين وشركة AVIC الصينية تحت نظام تسليم مفتاح.
ويقضى العرض بأن يتم تمويل هذا المشروع تحت نظام التمويل الذاتى، على أن يتم استحقاق أول قسط من سداد القرض بعد عام كامل من بدء إنتاج المشروع.
وهو ما يعنى أن السداد سوف يتم من المشروع بعد دخوله مرحلة الإنتاج.
التمويل أيضًا يشمل جميع أعمال المرافق والأعمال المدنية اللازمة للمشروع.
وفيما يخص أعمال الإدارة الفنية والتشغيلية والتسويقية فقد اقترحت الشركة الصينية توقيع عقد منفصل، مع شركة النصر للتعدين وطبقًا لما سيتم الاتفاق عليه فيما بعد.
لم تكتف الشركة الصينية بالإسهاب فى المزايا التى يتضمنها العرض بل تضيف أنها سوف تتحمل جميع التكاليف بما فيها الدراسات وتغطية الاجتماعات التى سوف يتم خلالها المناقشة والاتفاق، فى حالة موافقة شركة النصر، وعلى أن توجه الدعوة للشركة الصينية لعقد اجتماع بين خبراء الشركتين لبحث كل التفاصيل.
كما تلتزم بسرعة تقديم العرضين الفنى والمالى تمهيدا لإعداد العقد النهائى.
لماذا شركة النصر؟
لماذا شركة النصر تحديدًا التى تقدمت لها الشركة الصينية بهذا العرض وفى إطار عروض كثيره قدمتها لشركات قطاع أعمال عام؟
والإجابة تأتى من واقع المستندات التى بين أيدينا وهى أن شركة النصر وفى إطار سعيها للخروج من نفق الخسائر التى كانت تلاحقها وبعد نجاحها فى الوصول بأرباحها إلى أرقام لم تحلم بها الشركة القابضة أو وزارة قطاع الأعمال العام، قررت توسيع نشاطها والانتقال من مجرد إنتاج وبيع خام الفوسفات إلى مرحلة التصنيع لحمض الفوسفوريك.
وحتى يتم توسيع النشاط خاطبت شركة النصر الشركات العالمية لتقديم عروض وكان العرض الصينى ضمن العروض التى تلقتها.
تلقت الشركة عرضًا من شركة أفنيك الصينية وقررت توفير الأرض عبر الاتفاق مع محافظ أسوان وتم بالفعل بدء إجراءات الحصول على تخصيص أرض فى منطقة السباعية شرق بعيدة عن المناطق السكنية لإنشاء أكبر مصنع لإنتاج حمض الفوسفوريك.
لكن الرد من جانب الشركة القابضة للصناعات المعدنية يتلخص فى تعليمات صادمة وهى: ترك أمر الاجتماع بالشركة الصينية لشركة " آل الجبلى" الدكتور شريف الجبلى رئيس مجلس إدارة شركة أبو زعبل للأسمدة الفوسفاتية.
وهنا يكون السؤال الأهم.. هل قرار شركة النصر باستمرار السير فى إنشاء مصنع لحمض الفوسفوريك يكون تجاوزًا يستلزم عزل رئيس الشركة؟
وإن كان هناك من المخالفات ما يستلزم المساءلة فلماذا لم يبلغ رئيس القابضة للصناعات المعدنية النائب العام بمخالفات رئيس شركة النصر؟
الغريب والعجيب والمريب أن العزل هو صيغة جديدة لم تكن متداولة بين الشركات القابضة؟. لتصبح سُنة سيئة استنها المحاسب مدحت نافع رئيس القابضة للصناعات المعدنية!
وإن كان السؤال الأهم هو ما موقف رئيس الوزراء من وزير قطاع الأعمال العام الذى لم يستخدم سلطاته فى إحالة الملف كاملًا للنائب العام؟ لفتح تحقيق فى كل ما تفوح به الأوراق من تجاوزات تستهدف بناء إمبراطوريات للقطاع الخاص فوق جثامين شركات القطاع العام!!.
تعليقات: 0
إرسال تعليق